جـرائم تُــرتكـب بحـق الفيسبــوك !
الثلاثاء فبراير 11, 2014 9:35 pm
مقــال بواسطــة / أميـــرة أحمـــد
* مُدوّنــة من مصـــر
بداية، جاءت فكرة هذا المقال من احتفال موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك بعيده العاشر ، فقررت أن أشاركه الإحتفال بطريقة مختلفة.. وهى رصد السلوكيات السلبية المنتشرة على الفيس بوك ، أملاً في أن نبدأ عامه الحادي عشر بعقل أرقى وأنضج .. وحائط نظيف خالي من هذه السلوكيات الغربية.
* متصفح في بلاد العجائب !!
- ما أن تبدأ بتصفح الفيس بوك حتى تجد سيلاً من الصور المبهجة تتدفق إلى صفحتك ، لتصحبك إلى عالم مثالي لم ولن تعرف له عنوان ولا طريق إلا عبر الفيس بوك ..
بيوت أنيقة ، شوارع آدمية ، مسئول ما في بلد ما ( بالطبع خارج نطاق العالم العربي ) يذهب إلى عمله مُستقـلاً دراجة !!
هذه المثالية المطلقة التي نلامسها يومياً في هذا العالم الإفتراضي لها أثرها السلبي في كيفية التعامل مع الحياة الواقعية ،ليس هذا فحسب بل تتسبب في خلق فجوة كبيرة بينك وبين الواقع الذي تعيشه (والذي بعيد كل البعد عن هذه المثالية أو الآدمية على أقل تقدير ) .
وهنا .. نجد البعض يطمح لهذه المثالية حد أن يتوه في خضمها فيغض النظر عن واقعه تماماً ، دون إرادة منه ، والنتيجة ؛ أنه لا يحسن الحياة في الواقع ،ولا يعرف للمثالية عنوان .. ويضيع العمر !
والبعض الآخر : يحاول أن يوازن بين الحياتين – الواقعية والإفتراضية – ليخلق منهما حياة معتدلة ترضيه ، حياة خالية من أمراض وعقد الواقع ،وغالباً ما تنتهي محاولاته بالفشل !!
والطريق الصحيح ؛ هو أن تصنع حاجز من الوعي بينك وبين هذا العالم الإفتراضي ،فلا تغرق فيه بكل حواسك فتضيع ،ولا تعزل نفسك عنه وتقبع بكهف قاطعاً عنك كل أحبال الحياة !
* أنت مطلوب للسخرية !
لاشك في ان الصفحات الكوميدية والصور “الكوميكس ” تجذب الكثير – وتجذبني أنا شخصياً – ولايخفى على أحدكم الظاهرة المنتشرة مؤخراً وهى صور لأشخاص حقيقين تتداولها الصفحات بغرض الضحك ،وغالباً ما يكون صاحب هذه الصور شخص بسيط لا يعلم بوجود هذا المدعو ” فيس بوك ” .. كل ما في الأمر أن رماه حظه العاثر في طريقك ،حينما تصرف بطريقة ما أضحكتك ،فسارعت بإخراج هاتفك المحمول لتلتقط له صورة حصرية ، تجلب بها أكبر عدد مممكن من ” اللايك “، والمزيد من التعليقات السخيفة لتشعل الحماس والإثارة في صفحتك !
تخيل معي للحظة .. إنك إستيقظت يوماً وبدأت تتصفح الفيس بوك لتتفاجأ بصورتك تتداولها الصفحات ، وتنهال عليها التعليقات الساخرة بلا هواد !
إن كنت تحلل لنفسك هذا التصرف بحكم أن ضحيتك هذا جاهل بالفيس بوك وأنه لن يرى نفسه وهى ترشق بالكلمات الساخرة والمهينة ، وأنه لا يعلم أن الآلاف يتداولون صورته كل دقيقة ويضحكون ملء أفواههم ،بعدما أصبح “مهرج ” ونجم الفيس بوك الأول !
فلا تتأفف حين ترى صورتك تتداولها الصفحات بلا هدنة .. ورغم عدم جهلك بالفيس بوك كضحيتك إلا أنك أيضاً وقعت فريسة لأحدهم .. وذنبك هو جهلك بالإنسانية !
وأخيراً ؛ إن لم يكن بمقدورك أن تكون إنساناً ، فكف عن أن تكون غير ذلك !
* هوس النقد :
جرب أن تكتب منشوراً قصيراً عن فكرة ما في مخيلتك ،وإنتظر سيلاً من التعليقات يعارض فكرتك وينتقدك ، حتى وإن كانت فكرتك هذه بريئة مما يلفق لها !
للأسف هذا منهج الكثير من الصفحات ، تأتي بفكرة أو بصورة مثلاً تنتقدها ثم يبدأ أول معارض يدلي برأيه ،فيتلوه الثاني ينتقد رأي القائم على الصفحة ، ثم يتلوه الثالث وهكذا .. إلى المالانهاية !
فإلى متى سنظل هكذا ؟! نعارض وننتقد من أجل الشذوذ عن القاعدة ؟!
هذه الإنتقامات الخفية التي نمارسها يومياً تجاه الآخرين .. لما ؟!
الأدهى من ذلك كله أن هذا الذي يعارضك ويقذفك بهذه التهم هو في الواقع بلا صوت !! وهذه العضلات الصوتية لا تظهر إلا على ضغطات الكيبورد !
الحل .. يجب التخلص من هذا السلوك المرضي في الحال .. إبدأ بنفسك فعندما تقرأ منشور ما أعجبك إضغط على زر ” اللايك ” وإمضي في سكوت !
وفر طاقتك هذه لأشياء أخرى .. كقائمة المهام المعلقة على مكتبك والتي تنتظر إنجازها منذ كثير .. إذهب وإنقض عليها ،واطرد هوس النقد من رأسك .. فأنت مشغول !
* من المخطيء .. الكاتب أم القاريء ؟!
عبارة أو عبارتين بالعامية عن الحب أو عن الصداقة .. وكلما حصلت على إعجاب أكثر كلما زادت فرصتك في أن تكون كاتباً !
كأن تقول مثلاً : ” متسمحش لحد يجرحك لأنه في الحقيقة بيكون بيخلص حقه من حد فيك !!!! “
ثم عبارتين آخرتيين من هذا النوع .. قم بجمع أقوالك المأثورة هذه ، وضعها في كتاب من 70 صفحة على أقصى تقدير ، ضع كل مقولة في صفحة مستقلة ، حاول أن تبتكر عنوان غامض للكتاب ، أو بسيط بشكل مبالغ فيه .. كتلك المنتشرة هذه الأيام .. وتهانينـا أصبحت كاتباً !
ما أريد قوله هو أن كثير من أمثال هذه الكتب المنتشرة حالياً سببها الفيس بوك ، وهذا إن دل على شيء يدل على ذكاء مؤلفيها حقيقة ، في إستغلال المناخ السائد على الفيس بوك وهو البساطة الشديدة ،فيسوق الكاتب نفسه بصورة مبسطة سهلة تجذب الكثير ممن يتحسسون من اللغة العربية الفصحى !
وهذه البساطة – بلا أدنى شك – لا تقتصر على الأسلوب .. بل تمتد للمادة والمحتوى أيضاً !
وهنا لا حل لهذه المعضلة !!
فلا غبار على نجاح العلاقة القائمة بين ذكاء المسوق وسطحية المستهلك !
لكن أتساءل .. طالما تساوت اللهجة العامية بالفصحى إلى هذا الحد ، فلماذا إذن لا نبتكر أداة تحفظ لنا الحقوق الفكرية والملكية حين نتحدث لشخص ما ؟! بمعنى هل من الضروري أن يكون هذا الحوار الشديد البساطة بين دفتي كتاب حتى يصبح قائله كاتب ؟! فلا فرق بين الحوارين غير أن الأول مسموع والثاني مكتوب !!
فرفقاً بالأدب !
* حائط فيس بوك أم ممشى عرض الأزياء !!
كثيراً ما تفتح حسابك على الفيس بوك فتشعر وكأنك قد فتحت غرفة ملابس أحدهم !!
ظاهرة جديدة وغريبة وحقيقةً هذه الظاهرة منتشرة في الفيس بوك عامة وليس فقط بالنطاق العربي ، وأكثر المروجون لها المشاهير ، آخرها عندما قام اللاعب الشهير ” ميسي ” بتصوير بدلته التي سيرتديها في حفل ما – وبغض النظر عن انها لا ترقى للذوق العام ، وبغض النظر عن كل التعليقات التي أبدت إحتقاره لها – إلا أنه حضر بها في الحفل المقصود !
السؤال هنا – فلماذا إذن سألت عن رأي متابعيك من البداية ؟!
وما خصهم إن إرتديتها أم إخترت سواها لترتديه ؟!
ومع مرور الوقت إنتقل هذا الهوس سريعاً للأشخاص العاديين .. فأصبح كل من يقتني أي شيء وإن كان ” حذاء ” – أعزكم الله – يلتقط له صوراً بزوايا مختلفة ، وإضاءة مختلفة في كل صورة ، وتعليق مختلف !
ليبدأ الإحتفال بالحذاء الجديد !! ليتحول الفيس بوك فجأة من موقع للتواصل الإجتماعي بمعنى تواصل الفكري والثقافي ووو إلى ممشى عرض الأزياء !
رجاءاً .. فلتكف عن هذا !
والحل هنا بسيط للغاية .. وهو أن تدرك الهدف الحقيقي للفيس بوك ، وأن ملابسك الرائعة هذه ومقتنياتك المذهلة مكانها بيتك .. وغرفة ملابسك فقط !!
********************
وأخيراً ..
ألا يكفينا تخلفنا تقنياً وعجزنا عن خلق مساحة عربية للتواصل كهذه المجسمة في الفيس بوك ،لنقف عاجزين أمام كيفية إستغلاله في نفع أنفسنا والآخرين ..؟!
هل أصبح الترفيه والسخرية والإنحلال الثقافي والفكري هو كل ما يشغلنا ؟!
أتمنى أن نفيق يوماً ما من سباتنا هذا ، ونكف عن التظاهر بتاريخنا وتمجيده ، ونعي أنه محض تاريخ وأنه قد ولى ، وأن هذا التاريخ العظيم نقطة بداية لا إنتهاء !
- ahmedkorashyعضو مشارك
- المتصفح : الدولة : الجنس :
عدد المساهمات : 6
الساعة :
نقاط : 7592
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 09/07/2014
الموقع : www.meronet.3oloum.com
المزاج : الحمد لله علي كل حال
رد: جـرائم تُــرتكـب بحـق الفيسبــوك !
السبت يوليو 12, 2014 3:07 am
في غاية الروعة هذا الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى